فيروس نقص المناعة البشرية (HIV)
ما هو فيروس نقص المناعة البشرية؟
فيروس نقص المناعة البشرية (HIV) هو فيروس قهقري أو عكوس يهاجم الجهاز المناعي ويدمر خلايا دم بيضاء معينة (خلايا CD4-T أو الخلايا التائية)، ما يؤدي إلى إضعاف قدرة الجسم على مكافحة الأمراض.
في غياب فيروس نقص المناعة البشرية، تلعب خلايا CD4-T دورًا مهمًّا في تحديد الأجسام الضارة والقضاء عليها، مثل البكتيريا والفيروسات ومسببات الأمراض الأخرى التي تتسلل إلى الخلايا. يلتصق فيروس نقص المناعة البشرية بخلايا CD4-T ويتسلل إليها ثم يدمرها، مما يؤدي إلى تكاثر الفيروس، والتكاثر عملية لا يمكن أن تحدث إلا داخل خلايا حية.
على الرغم من أن فيروس نقص المناعة البشرية لا يُشفى نهائيًا، فقد أثبت العلاج المضاد للفيروسات القهقرية (ART) فعالية كبيرة في إبطاء تطوره، ومنع الوصول إلى مرحلة متلازمة نقص المناعة المكتسب (الإيدز)، وتمكين الأشخاص المتعايشين مع الفيروس من عيش حياة صحية بفضل السيطرة على الفيروس والرعاية الطبية المناسبة.
بالنسبة للرضّع والأطفال، يمكن للفيروس أن ينتقل قبل الولادة أو بعدها، أو خلال فترة الإرضاع، أو عن طريق نقل الدم أو الحقنات الملوثة بالفيروس. وقد تتطور الحالة بسرعة إلى الإيدز نظرًا إلى الجهاز المناعي غير المكتمل للرضّع أو الأطفال.
الرسوم المتحركة: جاد عازر
لا يمكن الشفاء من فيروس نقص المناعة البشرية نهائيًا ولكن هناك علاج اسمه العلاج المضاد للفيروسات القهقرية (ART) وهو قادر على إبطاء الفيروس ومنع تطوره من مرحلة إلى أخرى.
ما هو الإيدز؟
متلازمة نقص المناعة المكتسب (إيدز) هي مرحلة متقدمة من فيروس نقص المناعة البشرية.
يحدث ذلك عندما يصل عدد الخلايا التائية CD4 إلى مستوى منخفض جدًا، أي أقل من 200 خلية لكل ملليلتر مكعب من الدم. ويؤدي الإيدز إلى ضعف شديد في الجهاز المناعي، ما يجعل الشخص عرضةً لمجموعة كبيرة من العدوى الانتهازية وبعض أنواع السرطان.
أصبحت هذه الأنواع من العدوى أقل شيوعًا في الوقت الحالي بفضل العلاج الفعال لفيروس نقص المناعة البشري.
كيف يهاجم فيروس نقص المناعة البشرية الجهاز المناعي؟
1. الالتصاق:
يستهدف الفيروس الخلايا التائية CD4 ويلتصق بمُستقبلاتها.
2. الدخول:
يندمج الفيروس بغشاء الخلايا التائية CD4 ويدخلها. وما إن يحدث ذلك، يُطلق الفيروس حمضه النووي الريبوزي والإنزيمات في الخلية المضيفة.
ويحمل الحمض النووي الريبوزي (RNA) للفيروس التعليمات التي تساعده على التكاثر وإنتاج جزيئات فيروسية جديدة تصيب الخلايا الأخرى.
3. النسخ العكسي:
يحتوي فيروس نقص المناعة البشرية على الـRNA الذي يشكل مادتّه الوراثية. وداخل الخلية المضيفة، يقوم "إنزيم النسخ العكسي" الفيروسي بتحويل الـRNA إلى DNA.
4. الاندماج:
يندمج الحمض النووي (DNA) للفيروس في الحمض النووي للخلايا التائية CD4 بمساعدة الإنزيم الفيروسي. يصبح الحمض النووي المدمج جزءاً من المادة الوراثية للخلية المضيفة.
5. التكاثر:
بعد ذلك، تنتج الخلية بروتينات فيروسية وجسيمات فيروسية جديدة باستخدام آلية الخلايا التائية CD4.
6. التجميع والتبرعم:
ينتقل فيروس نقص المناعة البشرية الجديد غير الناضج المكوّن من بروتينات الفيروس المُنتجة حديثًا والـRNA إلى أطراف الخلية التائية CD4. وبمجرد دفعها خارج الخلية، يُفرز إنزيم يسمى البروتياز لتكوين نسخ ناضجة ومعدية من فيروس نقص المناعة البشرية.
7. إصابة الخلايا الأخرى:
تصيب جزيئات الفيروس التي تم إطلاقها حديثًا خلايا تائية CD4 أخرى، وتتواصل بالتالي دورة العدوى والتدمير. مع تكاثر فيروس نقص المناعة البشرية وتدميره لهذه الخلايا، يصبح الجهاز المناعي للجسم أضعف تدريجيًا. وبمرور الوقت، يؤدي ذلك إلى عوز مناعي، مما يجعل الشخص أكثر عرضة للإصابة بالعدوى والأمراض المختلفة.
تُعرف المرحلة النهائية من الفيروس بمتلازمة نقص المناعة المكتسب (الإيدز)، والتي يرافقها تلف شديد في الجهاز المناعي وتطور العدوى الانتهازية (أي التي تصيب الأشخاص الذين يعانون من ضعف الجهاز المناعي، وتكون بوتيرة أعلى ودرجة أكبر من الحدّة).
من الصعب أحيانًا اكتشاف الإصابة الجديدة لفيروس نقص المناعة البشرية لأن أعراضه تشبه أعراض فيروسات شائعة أخرى مثل كوفيد-19 أو الإنفلونزا أو كثرة الوحيدات (مونو نوكليوز).
مراحل الإصابة بفيروس نقص المناعة البشرية
فيروس نقص المناعة البشرية الحاد: يُطلق عليه أيضًا العدوى الأولية بفيروس نقص المناعة البشرية، ويحدث بعد 2-4 أسابيع من التعرض للفيروس، وتُصاحبه طفرة في تكاثر الفيروس، ما يؤدي إلى ارتفاع الحِمل الفيروسي ويجعل الإصابة شديدة العدوى. لذلك، يمكن اكتشاف الحِمل الفيروسي قبل الأجسام المضادة. ويعاني معظم المُصابين أعراضًا شبيهة بأعراض الإنفلونزا: الحمى واعتلال العقد اللمفاوية (تورم العقد اللمفاوية) والتهاب البلعوم والطفح الجلدي والألم العضلي وألم المفاصل.
فيروس نقص المناعة البشرية المزمن: يُطلق عليه أيضًا مرحلة الكُمُون السريري، ولا يعاني الشخص المصاب خلالها عادةً من أي أعراض. وعلى الرغم من عدم ظهور الأعراض، يستمر الفيروس في التكاثر بمستويات أقل، وإذا لم يتم استخدام الأدوية المضادة للفيروسات القهقرية، فقد يتضرر الجهاز المناعي تدريجيًا، ويبقى فيروس نقص المناعة البشرية معدياً في هذه المرحلة. يستغرق تطور الإصابة إلى إيدز 10 سنوات أو أكثر.
الإيدز: متلازمة نقص المناعة المكتسب هي المرحلة الأخيرة والأشد من الإصابة بفيروس نقص المناعة البشرية. يتضرر الجهاز المناعي بشدة وينخفض تعداد الخلايا التائية CD4 إلى أقل من 200/ملم3 (يتراوح التعداد الطبيعي بين 500 و1500/ملم3)، ويكون الحمل الفيروسي مرتفعًا بشكل كبير مما يجعل الفيروس قابلًا للانتقال بسهولة. والأشخاص المتعايشون مع الإيدز معرضون بشكل كبير للإصابة بأمراض خطيرة لا تؤثر عادةً على شخص يتمتع بجهاز مناعي سليم. وتُسمى هذه الأمراض بالعدوى الانتهازية (الالتهاب الرئوي والسالمونيلا والسل...) أو السرطانات الانتهازية.
إذا كنتم تعانون أعراض فيروس نقص المناعة البشرية وكانت نتيجة هذا الاختبار سلبية، فعليكم إجراء اختبار يكشف النوعين.
أنواع فيروس نقص المناعة البشرية
لفيروس نقص المناعة البشرية نوعان أساسيان: HIV-1 وHIV-2. وكلاهما له أعراض سريرية متشابهة ويتطوران إلى الإيدز إذا لم يتم علاجهما.
اكتُشف HIV-1 أولًا، ويُعتقد أنه نشأ من الرئيسيات غير البشرية، وخاصة الشمبانزي، وانتقل إلى البشر بعد التعرض لدم الشمبانزي. وهو الأكثر شيوعًا: حوالي 95% من المتعايشين مع الفيروس مصابون بالنوع الأول (HIV-1).
جاء HIV-2 من الفيروسات الموجودة في قرد المنجبي الأسخم وانتقل إلى البشر بنفس طريقة انتقال النوع الأول، من خلال الصيادين بعد تعرضهم لدماء هذه القرود. ولا يزال منتشراً على نطاق واسع في غرب أفريقيا. غالبًا ما يكون لدى الأشخاص المتعايشين مع النوع الثاني حِمل فيروسي أقل وانخفاض أبطأ في خلايا CD4. غالبًا ما يتطور HIV-2 إلى الإيدز بوتيرة أبطأ من HIV-1.
النوعان مختلفان من حيث التركيبة الوراثية، ما يعني أن لديهما مستضدات مختلفة.
يوجد اختبار تشخيصي مصمم خصيصًا للكشف عن النوع الأول (HIV-1).
إذا كنتم تعانون أعراض فيروس نقص المناعة البشرية وكانت نتيجة هذا الاختبار سلبية، فعليكم إجراء اختبار يكشف النوعين.
وقد تم تطوير العلاج المضاد للفيروسات القهقرية (ART) للتعامل مع كلا النوعين من الفيروس، على الرغم من أن استراتيجيات العلاج قد تختلف باختلاف نوع الفيروس ونوعه الفرعي.
بقلم:
لينا مهنا | مثقفة صحة جنسية وممرضة
لينا مهنا مثقفة صحة جنسية شغوفة حاصلة على على شهادة الليسانس (بكالوريوس) في علوم التمريض. تسعى لينا لمكافحة التابوهات ونشر المعرفة وتمكين الأشخاص من تعزيز صحتهم وعافيتهم الجنسية.
بقلم:
كريستال لحود | مثقفة صحة جنسية وقابلة قانونية
كريستال لحود مثقفة صحة جنسية في مرسى حائزة على شهادة الليسانس (بكالوريوس) في القبالة القانونية وتسعى حاليًا إلى نيل شهادة الماجستير في علم النفس السريري. تكرّس كريستال جهودها في سبيل التوعية بقضايا الصحة الجنسية والإنجابية ومناصرتها.