العلاج
يتألف العلاج المضاد للفيروسات القهقرية (ART) من مجموعة من الأدوية المصممة للسيطرة على فيروس نقص المناعة البشرية بدلًا من القضاء عليه تمامًا. يمكن لهذه الأدوية منع تكاثر الفيروس، مما يؤدي إلى إبطاء تطور الفيروس إلى الإيدز وتقليل خطر الإصابة بالعدوى الانتهازية.
يكمن الهدف الرئيسي للعلاج في زيادة فرص النجاة وتحسين نوعية الحياة والحد من انتقال الفيروس عن طريق خفض الحِمل الفيروسي إلى أدنى المستويات (أقل من 200/ملم³) ليصبح غير قابل للكشف وغير قابل للانتقال من خلال التعرض للسوائل الجنسية (والدم) أو الحَمل أو الرضاعة الطبيعية.
ينبغي لكل الأشخاص المتعايشين مع فيروس نقص المناعة البشرية بدء العلاج المضاد للفيروسات القهقرية في أقرب وقت ممكن بغض النظر عن مدى صحتهم، فتأخير العلاج أو تفويته يؤدي إلى تطور الفيروس بسرعة. والانتظام في تناول العلاج أمر ضروري لنجاحه ومنع تطور الفيروس والحد من خطر مقاومته للأدوية.
تشمل خيارات العلاج كلاً من الأقراص التي تؤخذ عن طريق الفم والعلاج عن طريق الحقن:
يوصى باستخدام الأقراص للأشخاص الذين بدأوا العلاج للتوّ.
أمّا العلاجات بالحقن فهي مخصصة للأشخاص الذين حافظوا على حمل فيروسي غير قابل للكشف لمدة ثلاثة أشهر متتالية على الأقل. وتُعطى الحقن من قبل الطبيب مرة واحدة شهريًا أو مرة كل شهرين، وفقًا لخطة العلاج.
U=U
"غير قابل للكشف يعني غير قابل للانتقال"
اكتسبت هذه الجملة أهمية كبيرة لما تحمله من رسالة أمل وتمكين للأفراد المتعايشين مع فيروس نقص المناعة البشرية. فهي تدل على اكتشاف علمي مهم أحدث تحوّلًا جذريًا في نظرتنا إلى الفيروس ومعالجته.
أنواع الأدوية المضادة للفيروسات القهقرية:
مثبطات إنزيم المنتسخة العكسية النكليوزيديّة أو النكليوتيديّة (NRTIs): تعمل على منع المرحلة الثالثة من تناسخ الفيروس من خلال تعطيل بروتين المنتسخة العكسية، وهذه المرحلة ذُكرت في فقرة "كيف يهاجم فيروس نقص المناعة البشرية الجهاز المناعي؟"
مثبطات إنزيم المنتسخة العكسية اللانكليوزيديّة (NNRTIs): تعمل على منع المرحلة الثالثة من تناسخ الفيروس من خلال تعطيل إنزيم المنتسخة العكسية ولكن عن طريق الالتصاق المباشر به وتعطيل عملية النسخ العكسي.
مثبطات الإنزيم المدمج (إنتجريز): تعمل على تثبيط المرحلة الرابعة (الدمج) من خلال تعطيل الإنزيم (إنتجريز) الذي يستخدمه فيروس نقص المناعة البشرية لإدخال مادته الوراثية في الخلايا التائية CD4.
مثبطات الدخول أو الدمج (CCR5): تمنع هذه الأدوية المرحلة الأولى من تكاثر الفيروس، فالفيروس يجب أن يلتصق بمستقبلات الخلايا التائية CD4 أوّلًا قبل دخولها، وبالتالي يمنع الدواء حدوث هذه العملية من خلال الالتصاق بمستقبلات الخلايا التائية CD4.
مثبطات إنزيم البروتياز (PIs): يمنع المرحلة السادسة من خلال تعطيل إنزيم البروتياز، وهذا الإنزيم يؤدي إلى تكوّن نسخ ناضجة ومُعدية من الفيروس عند إفرازه.
مثبطات الالتصاق ومرحلة ما بعد الالتصاق: تمنع المرحلة الأولى من الالتصاق. يحتوي سطح فيروس نقص المناعة البشري على أشواك، وتحتاج هذه الأشواك إلى الاتصال بمستقبلات CD4 للدخول إلى الخلايا. يمنع هذا الدواء فيروس نقص المناعة البشرية من الاتصال بمستقبلات خلايا CD4.
الأدوية المعززة: تعمل على تعزيز فعالية الأدوية المضادة للفيروسات القهقرية.
العوامل التي يجب مراعاتها عند تحديد خطة العلاج:
الحِمل الفيروس وتعداد خلايا CD4: لتحديد خطة العلاج الأنسب.
التاريخ الطبي أو المرضي: الحالات الطبية الموجودة مسبقًا مثل أمراض القلب.
الحمل: التحقق مما إذا كان هناك حمل وتأثيرات العلاج عليه.
التفاعل الدوائي المحتمل: قد تتفاعل بعض الأدوية أو المكملات الغذائية مع علاج فيروس نقص المناعة البشرية.
الآثار الجانبية للأدوية المضادة للفيروسات القهقرية: في حال وجود آثار جانبية لا يمكن تحمّلها، قد يقوم الطبيب بتغيير الدواء.
مقاومة الأدوية: تقاوم أجسام بعض الأشخاص علاج فيروس نقص المناعة البشري. يتوفر فحص دم لقياس مدى مقاومة الأدوية إذا لزم الأمر.
إعطاء الدواء: تُعطى الأدوية إما في قرص واحد أو عدة أقراص، مما يؤثر على سهولة العلاج.
نوع الفيروس: يتطلب نوعا فيروس نقص المناعة البشرية الأول والثاني علاجات مختلفة بسبب الاختلافات الجينية بينهما.
الآثار الجانبية المحتملة:
الآثار الجانبية قصيرة المدى الأكثر شيوعًا التي تزول عادةً في غضون أيام أو أسابيع قليلة من بدء تناول الأدوية هي:
الطفح الجلدي.
الإسهال.
الغثيان والقيء.
الصداع.
الدوخة.
الإرهاق.
الأرق/صعوبة النوم.
جفاف الفم.
الآثار الجانبية لأدوية فيروس نقص المناعة البشرية على المدى الطويل:
يمكن أن يؤدي ارتفاع مستويات الكوليسترول أو الدهون الثلاثية إلى زيادة خطر الإصابة بأمراض القلب.
فرط سكر الدم أو ارتفاع مستويات الجلوكوز يمكن أن يسبب مرض السكري.
تلف الكبد.
تلف الكلى.
الحثل الشحمي أو تغيرات الدهون في الجسم: فقدان الدهون، خاصة في الذراعين أو الساقين أو الأرداف أو الوجه، واكتساب الدهون في الخصر أو المعدة أو الثديين.
هشاشة العظام: ضعف العظام.
الاكتئاب.
قد يعاني بعض الأشخاص أيضًا من فرط الحساسية أو ردود فعل تحسسية. في هذه الحالات، إذا كانت الآثار الجانبية شديدة و/أو استمرت، يجب الاتصال بالطبيب على الفور. يمكن تعديل أنواع الأدوية حسب الحالة.
يُعد اتباع نمط حياة صحي ونظام غذائي متوازن غني بالعناصر الغذائية أمرًا بالغ الأهمية أثناء تناول علاجات فيروس نقص المناعة البشرية، وذلك لتهيئة الظروف الملائمة لعمل وظائف الجهاز المناعي، ولزيادة فعالية الدواء والسيطرة على الآثار الجانبية، ولمنع زيادة الوزن أو فقدانه بشكل مفرط، ولتحسين نوعية الحياة بشكل عام.
تفويت جرعة أو حقنة
إذا فوّت الشخص جرعة من علاج فيروس نقص المناعة البشرية:
يجب عادةً تناول قرص الدواء بمجرد تذكره ما لم يطلب مقدم الرعاية الصحية خلاف ذلك، ويجب متابعة تناول الأقراص التالية في موعدها المحدد.
في حالة تفويت حقنة العلاج المضاد للفيروسات القهقرية، يجب الاتصال بمقدم الرعاية الصحية لتحديد موعد آخر.
إذا كنتم قلقين من نسيان تناول أقراص الدواء، إليكم بعض النصائح المفيدة للتذكر:
ضبط منبه يومي على الهاتف أو استخدام تطبيق هاتفي مصمم لهذه الغاية.
ضعوا الدواء في مكان يسهل عليكم رؤيته كل يوم.
ربط تناول الحبة بأي روتين يومي أو عادة يومية أخرى لمساعدتكم على التذكر.
بقلم:
لينا مهنا | مثقفة صحة جنسية وممرضة
لينا مهنا مثقفة صحة جنسية شغوفة حاصلة على على شهادة الليسانس (بكالوريوس) في علوم التمريض. تسعى لينا لمكافحة التابوهات ونشر المعرفة وتمكين الأشخاص من تعزيز صحتهم وعافيتهم الجنسية.
بقلم:
كريستال لحود | مثقفة صحة جنسية وقابلة قانونية
كريستال لحود مثقفة صحة جنسية في مرسى حائزة على شهادة الليسانس (بكالوريوس) في القبالة القانونية وتسعى حاليًا إلى نيل شهادة الماجستير في علم النفس السريري. تكرّس كريستال جهودها في سبيل التوعية بقضايا الصحة الجنسية والإنجابية ومناصرتها.