البلوغ
البلوغ مرحلة انتقالية يمرّ فيها الجميع تقريبًا. إنّها عملية طبيعية وضرورية للنمو والنضج وتتخلّلها سلسلة من التغييرات التي يجب أن نتعرف إلى أسبابها وكيفية تأثيرها علينا.
يؤدي الارتفاع المفاجئ في إنتاج الهرمونات إلى البلوغ، وهو ارتفاع لا يمكن السيطرة عليه. من المهم أن ندرك أن البلوغ لا يقتصر فقط على التغييرات الفسيولوجية، بل يؤثر أيضًا على طريقة مشاعرنا وأفكارنا حيال أنفسنا والعالم من حولنا.
يترافق البلوغ مع مجموعة من التغيرات الفسيولوجية، بما في ذلك:
إفراز الهرمونات:
تتكون الهرمونات عادةً في الغدد قبل بداية سن البلوغ.
لذلك، فعندما نصل إلى هذه المرحلة، يتم إفراز هذه الهرمونات في الجسم كما هو موضح في الصورة (على اليمين):
التغير في الخصائص الجنسية الأساسية:
الذكور:
نمو حجم الخصيتين والبدء في إنتاج الحيوانات المنوية.
نمو القضيب في الحجم وتغير شكله.
نمو غدة البروستاتا لتصبح أكثر نشاطاً.
حدوث انتصاب وقذف للحيوانات المنوية أحيانًا.
الإناث:
بروز الثديين ونموّهما.
نمو الرحم لدعم الحمل.
نمو جدران المهبل لتسهيل الاتصال الجنسي.
نضوج المبيضين وبدء إنتاج البويضات.
زيادة الإفرازات المهبلية.
التغير في الخصائص الجنسية الثانوية:
الذكور:
نمو شعر الوجه (الشارب واللحية).
اتساع الصدر والكتفين.
نمو الشعر في المنطقة التناسلية.
ظهور تفاحة آدم وتغير الصوت (يصبح أعمق وأخشن).
زيادة التعرق ورائحة الجسم.
تغيرات في الوجه ويصبح خط الفك أكثر وضوحًا.
الإناث:
نمو الشعر وحجم الشفرين.
ارتفاع نبرة الصوت.
اتساع الوركين.
عادةً ما تحدث الدورة الشهرية الأولى لدى الأشخاص ذوي الجهاز التناسلي الأنثوي بعد عام إلى عامين تقريباً من بداية التغيرات الجسدية. وهي عملية طبيعية تهيئ الجسم للحمل. وعندما لا يحدث الحمل، تتساقط بطانة الرحم المكوّنة من الدم والمغذيات. وتنتج عن ذلك دورة الطمث.
بالإضافة إلى التغيرات الفسيولوجية، يترافق البلوغ مع عدد من التغيرات العاطفية:
عدم الأمان والوعي الذاتي:
من الطبيعي تمامًا أن نشعر بعدم الأمان والوعي الذاتي، وقد يكون من الصعب تقبل هذه التحولات أحيانًا. لذا لا بد أن ندرك أنّ لكل شخص وتيرة تطوره ونموه الخاصة. ولا بأس في أن نأخذ وقتنا ونتعامل مع هذه التغييرات بالسرعة التي تناسبنا. يجب على العائلة والأصدقاء تقديم الدعم خلال هذه المرحلة.
تقلبات المزاج:
التقلبات المزاجية لا تدعو للقلق وهي طبيعية في مرحلة البلوغ، خصوصًا وأنّ إنتاج الهرمونات يصل إلى ذروته في هذه المرحلة والهرمونات لها تأثير كبير في حالتنا النفسية والعاطفية، ما يؤدي إلى تأرجح المشاعر بين الفرح والحزن.
الحساسية والانفعال:
الحساسية وسرعة الانفعال جزء من رحلة البلوغ ويرجع سببها إلى التقلبات الهرمونية. لذا فإنّ الشعور بالإحباط طبيعي جدًا، ولكن من المهم أيضًا ألًا نشعر بالذنب. وإذا كنّا واعين لهذه التغيرات، نستطيع التحكم بعواطفنا والتعبير عن أنفسنا بشكل أفضل.
تغير المشاعر تجاه الأصدقاء:
هذا جزء طبيعي من عملية النمو ولكنه لا يعني بالضرورة انتهاء الصداقات. فهذه التغيرات ناتجة عن استكشاف الذات والتغيرات الهرمونية، ما يؤدي إلى نشوء روابط عاطفية أعمق، وفي بعض الحالات، تتولد لدينا مشاعر رومانسية لبعض الأشخاص. ومن شأن تقبّل هذه التغيرات بعقلية منفتحة وتعاطفية أن يمهد الطريق أمام بناء علاقات متينة تصمد أمام التحولات التي تطرأ في مرحلة المراهقة.
ضغط الأقران:
بما أنّكم وأصدقاؤكم تمرّون بنفس المرحلة الانتقالية، فهذا يعني أنّكم في مرحلة استكشاف للذات ولما هو حولكم. ومن الضروري أن ندرك أنّ تجارب كل واحد منّا فريدة وما يناسب أحدنا قد لا يناسب الآخرين. وفي هذه الفترة، قد يشجعنا أصدقاؤنا على تجربة أنشطة مختلفة يبدو بعضها محفوفًا بالمخاطر، أو ربّما يقترحون علينا تغييرات معينة في مظهرنا أو أسلوب كلامنا. ولكن قبل الانغماس في أي من هذه الأنشطة أو التغييرات، علينا أن نفكر ملياً فيما إذا كانت تتماشى مع قيمنا ولا تزعزع راحتنا. وهنا علينا ألّا نخشى ابتعاد الأصدقاء عنا إذا رفضنا القيام بأنشطة معينة. فالأصدقاء الحقيقيون هم من يحترمون قراراتنا.
من الضروري التحلّي بالصبر وتقبل الذات والتفهم.
البلوغ مرحلة نمو جسدي وعاطفي، ولا بدّ من توفر الدعم والثقة بالنفس حتى نجتاز هذه المرحلة الانتقالية بطريقة صحية وإيجابية.
بقلم:
فاطمة خليل | منسقة التثقيف والتوعية في مجال الصحة الجنسية
فاطمة خليل هي منسقة التثقيف والتوعية في مجال الصحة الجنسية في مرسى، وتسعى حاليًا لتحصيل شهادة جامعية في تعليم الطفولة المبكرة. تتمتع بخبرة تزيد على 7 سنوات في مجال الصحة والحقوق الجنسية والإنجابية، وقد طورت العديد من الموارد التثقيفية والإرشادية حول أفضل الممارسات في تقديم الخدمات، إضافة إلى موارد تتناول الالتهابات المنقولة جنسيًا وصحة المرأة.